الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
فِيمَنْ سَرَقَ خَمْرًا لِذِمِّيٍّ , أَوْ لِمُسْلِمٍ , أَوْ سَرَقَ خِنْزِيرًا كَذَلِكَ , أَوْ مَيْتَةً كَذَلِكَ قال أبو محمد رحمه الله : حَدَّثَنَا حُمَامٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ : مَنْ سَرَقَ خَمْرًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ , قَالَ عَطَاءٌ : زَعَمُوا فِي الْخَمْرِ , وَالْخِنْزِيرِ , يَسْرِقُهُ الْمُسْلِمُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ يُقْطَعُ , مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ حَلَّ لَهُمْ فِي دِينِهِمْ , وَإِنْ سَرَقَ ذَلِكَ مِنْ مُسْلِمٍ فَلاَ قَطْعَ عَلَيْهِ. وَبِهِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ : مَنْ سَرَقَ خَمْرًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قُطِعَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لاَ قَطْعَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ , وَلَكِنْ يَغْرَمُ لَهَا مِثْلَهَا وَهَذَا قَوْلُ شُرَيْحٍ , وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , وَمَالِكٍ , وَأَبِي حَنِيفَةَ , وَأَصْحَابِهِمْ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لاَ قَطْعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ , وَلاَ ضَمَانَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ , وَأَحْمَدَ , وَأَصْحَابِهِمَا . وَبِهِ يَقُولُ أَصْحَابُنَا قال أبو محمد رحمه الله : فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ , فَرَأَيْنَا قَوْلَ مَنْ أَوْجَبَ الضَّمَانَ وَأَسْقَطَ الْقَطْعَ , فِي غَايَةِ الْفَسَادِ ; لأََنَّهُ لاَ يَخْلُو الْخَمْرُ , وَالْخِنْزِيرُ , مِنْ أَنْ يَكُونَا مَالاً لِلذِّمِّيِّ لَهُ قِيمَةٌ , أَوْ لاَ يَكُونَا مَالاً لَهُ , وَلاَ سَبِيلَ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ أَصْلاً , فَإِنْ كَانَتْ الْخَمْرُ , وَالْخِنْزِيرُ , مَالاً لِلذِّمِّيِّ , لَهُمَا قِيمَةٌ , فَالْقَطْعُ فِيهِمَا وَاجِبٌ عَلَى أُصُولِهِمْ إذَا بَلَغَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا فِيهِ الْقَطْعُ. وَإِنْ كَانَ الْخَمْرُ , وَالْخِنْزِيرُ , لاَ قِيمَةَ لَهُمَا , وَلَيْسَا مَالاً لِلذِّمِّيِّ , فَبِأَيِّ وَجْهٍ قَضَوْا بِضَمَانِ مَا لاَ قِيمَةَ لَهُ , وَلاَ هُوَ مَالٌ , وَهَلْ هَذَا مِنْهُمْ إِلاَّ قَضَاءٌ بِالْبَاطِلِ وَإِيكَالُ مَالٍ بِغَيْرِ حَقٍّ , لاَ سِيَّمَا وَهُمْ يَقُولُونَ : إنَّ الْمُسْلِمَ إنْ سَرَقَ خَمْرًا لِمُسْلِمٍ , أَوْ خِنْزِيرًا لِمُسْلِمٍ , فَلاَ قَطْعَ , وَلاَ ضَمَانَ ; لأََنَّهُمَا لَيْسَا مَالاً لَهُ , وَلاَ لَهُمَا قِيمَةٌ. وَالْعَجَبُ كُلُّهُ , كَيْفَ يَقْضُونَ بِضَمَانِهِمَا عَلَيْهِ وَهُوَ لاَ سَبِيلَ لَهُ إلَى قَضَائِهِمَا ; لأََنَّهُ عِنْدَهُمْ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَفِيهِمَا الْمِثْلُ عِنْدَهُمْ. ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ رَأَى الْقَطْعَ فِي ذَلِكَ وَالضَّمَانَ , وَقَوْلَ مَنْ لاَ يَرَى فِي ذَلِكَ لاَ قَطْعًا ، وَلاَ ضَمَانًا. فَنَظَرْنَا فِيمَنْ رَأَى الْقَطْعَ وَالضَّمَانَ , فَلَمْ نَجِدْ لَهُمْ حُجَّةً أَصْلاً. إِلاَّ إنْ قَالُوا : إنَّهَا مَالٌ لَهُمْ , وَلَهَا قِيمَةٌ عِنْدَهُمْ . . فَقُلْنَا لَهُمْ : أَخْبِرُونَا , أَبِحَقٍّ مِنْ اللَّهِ تَمَلَّكُوهَا , وَاسْتَحَقُّوا مِلْكَهَا وَشُرْبَهَا , أَوْ بِبَاطِلٍ ، وَلاَ سَبِيلَ إلَى قِسْمٍ ثَالِثٍ فَإِنْ قَالُوا : بِحَقٍّ , وَأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى , كَفَرُوا بِلاَ خِلاَفٍ وَهُمْ لاَ يَقُولُونَ هَذَا وَيَلْزَمُهُمْ أَنْ يَقُولُوا : إنَّ دِينَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى حَقٌّ , وَهَذَا لاَ يَقُولُهُ مُسْلِمٌ أَصْلاً قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ تَعَالَى قلنا , وَصَحَّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ شُرْبَ الْخَمْرِ , عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ , وَحَرَّمَ بَيْعَهَا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ , وَحَرَّمَ مِلْكَهَا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى آمِرًا لِلرَّسُولِ عليه السلام أَنْ يَقُولَ وَكَذَلِكَ الْخِنْزِيرُ لِلتَّحْرِيمِ الْوَارِدِ فِيهِ جُمْلَةً. فَإِذْ قَدْ حَرَّمَ مِلْكَهَا جُمْلَةً , كَانَ مَنْ سَرَقَهَا لَمْ يَسْرِقْ مَالاً لأََحَدٍ , لاَ قِيمَةَ لَهَا أَصْلاً , وَلاَ سَرَقَ شَيْئًا يَحِلُّ إبْقَاؤُهُ جُمْلَةً , فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْوَاجِبُ هَرْقُهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ لِمُسْلِمٍ وَكَافِرٍ , وَكَذَلِكَ قَتْلُ الْخَنَازِيرِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ قال أبو محمد رحمه الله : وَأَمَّا مَنْ سَرَقَ مَيْتَةً , فَإِنَّ فِيهَا الْقَطْعَ ; لأََنَّ جِلْدَهَا بَاقٍ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا , بِدَبْغِهِ فَيَنْتَفِعُ بِهِ وَيَبِيعُهُ. فإن قيل : مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْخِنْزِيرِ وَالْمَيْتَةِ أَوْجَبْتُمْ الْقَطْعَ فِي الْمَيْتَةِ مِنْ أَجْلِ جِلْدِهَا , وَلَمْ تُوجِبُوا الْقَطْعَ فِي الْخِنْزِيرِ فَهَلاَّ أَوْجَبْتُمُوهُ مِنْ أَجْلِ جِلْدِهِ , وَجِلْدُهُ وَجِلْدُ سَائِرِ الْمَيْتَاتِ سَوَاءٌ فِي جَوَازِ الأَنْتِفَاعِ بِهِ وَبَيْعِهِ إذَا دُبِغَ فَجَوَابُنَا : أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي غَايَةِ الْوُضُوحِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَهُوَ أَنَّ الْمَيْتَةَ كَانَتْ فِي حَيَاتِهَا مُتَمَلَّكَةٌ لِصَاحِبِهَا بِأَسْرِهَا , فَلَمَّا مَاتَتْ سَقَطَ مِلْكُهُ عَنْ لَحْمِهَا , وَشَحْمِهَا , وَدَمِهَا ; وَمِعَاهَا , وَفَرْثِهَا , وَدِمَاغِهَا , وَغَضَارِيفِهَا ; لأََنَّ كُلَّ هَذَا حَرَامٌ مُطْلَقُ التَّحْرِيمِ , وَبَقِيَ مِلْكُهُ كَمَا كَانَ , عَلَى مَا أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ الأَنْتِفَاعَ بِهِ مِنْهَا , وَهُوَ الْجِلْدُ , وَالشَّعْرُ , وَالصُّوفُ , وَالْوَبَرُ , وَالْعَظْمُ , فَلاَ يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ , إِلاَّ بِإِبَاحَتِهِ إيَّاهُ لأَِنْسَانِ بِعَيْنِهِ , أَوْ لِمَنْ أَخَذَهُ وَيَعْلَمُ ذَلِكَ بِطَرْحِهِ الْجَمِيعَ , وَتَبَرِّيهِ مِنْهُ , فَهُوَ مَا لَمْ يَطْرَحْهُ مَالِكٌ لِذَلِكَ , فَإِنْ سَرَقَ فَإِنَّمَا سَرَقَ شَيْئًا مُتَمَلَّكًا , مِلْكًا صَحِيحًا , وَمَالٌ مِنْ مَالِ مُسْلِمٍ , أَوْ ذِمِّيٍّ , فَالْقَطْعُ فِيهِ. وَأَمَّا الْخِنْزِيرُ فَلاَ يَقَعُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ مِلْكٌ لأََحَدٍ ; لأََنَّهُ رِجْسٌ مُحَرَّمٌ جُمْلَةً فَمَنْ سَرَقَهُ حَيًّا , أَوْ مَيِّتًا , فَإِنَّمَا أَخَذَ مَالاً لاَ مَالِكَ لَهُ , وَمَا لاَ يَحِلُّ لأََحَدٍ تَمَلُّكُهُ فَجِلْدُهُ لِمَنْ بَادَرَ إلَيْهِ , وَأَخَذَهُ , وَدَبَغَهُ , فَإِذَا دُبِغَ صَارَ حِينَئِذٍ مِلْكًا مِنْ مَالٍ مُتَمَلَّكِهِ , مَنْ سَرَقَهُ فَعَلَيْهِ فِيهِ الْقَطْعُ , وَالْقَطْعُ وَاجِبٌ فِي عِظَامِ الْفِيلِ كَمَا ذَكَرْنَا وَالْمَيْتَاتُ كُلُّهَا كَذَلِكَ ; لأََنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا حَاشَ عَظْمِ الْخِنْزِيرِ , وَشَعْرِهِ , وَكُلِّ شَيْءٍ مِنْهُ حَرَامٌ جُمْلَةً , لاَ يَحِلُّ لأََحَدٍ تَمَلُّكُ شَيْءٍ مِنْهُ , إِلاَّ الْجِلْدَ فَقَطْ بِالدِّبَاغِ , لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ ; فِيمَنْ سَرَقَ حُرًّا صَغِيرًا , أَوْ كَبِيرًا قال أبو محمد رحمه الله : لاَ نَعْلَمُ خِلاَفًا فِي أَنَّ مَنْ سَرَقَ عَبْدًا صَغِيرًا لاَ يَفْهَمُ أَنَّ عَلَيْهِ الْقَطْعَ , وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَنْ سَرَقَ عَبْدًا كَبِيرًا يَتَكَلَّمُ , وَفِيمَنْ سَرَقَ حُرًّا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا فأما الْعَبْدُ الصَّغِيرُ الَّذِي لاَ يَفْهَمُ , فَإِنَّ الَّذِي سَرَقَهُ سَارِقُ مَالٍ , فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ وَأَمَّا مَنْ سَرَقَ الْعَبْدَ الَّذِي يَفْهَمُ , فَإِنَّمَا أَسْقَطَ عَنْهُ الْقَطْعُ مَنْ أَسْقَطَهُ ; لأََنَّهُ لَوْلاَ أَنَّهُ أَطَاعَهُ مَا أَمْكَنَهُ سَرِقَتَهُ إيَّاهُ قال أبو محمد رحمه الله : وَهَذَا لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُطْلَقَ إطْلاَقًا ; لأََنَّ فِي الْمُمْكِنِ أَنْ يَسْرِقَهُ وَهُوَ نَائِمٌ , أَوْ سَكْرَانُ , أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ , أَوْ مُتَغَلِّبًا عَلَيْهِ مُتَهَدِّدًا بِالْقَتْلِ , فَلاَ يَقْدِرُ عَلَى الأَمْتِنَاعِ , وَلاَ عَلَى الأَسْتِغَاثَةِ , فَإِذَا كَانَ هَكَذَا , فَهِيَ سَرِقَةٌ صَحِيحَةٌ قَدْ تَمَّتْ مِنْهُ , وَإِذْ هِيَ صَحِيحَةٌ فَالْقَطْعُ عَلَيْهِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ. حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , قَالَ : أُخْبِرْت أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَطَعَ رَجُلاً فِي غُلاَمٍ سَرَقَهُ. وَبِهِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ إسْمَاعِيلَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ : مَنْ سَرَقَ صَغِيرًا حُرًّا , أَوْ عَبْدًا , قُطِعَ. قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ : يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى الْكَبِيرِ وَلَيْسَ عَلَى الصَّغِيرِ مِنْ شَيْءٍ يَعْنِي أَنَّهُ يُقْطَعُ الْكَبِيرُ فِي سَرِقَةِ الصَّغِيرِ. وَبِهِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ : سَأَلْت الزُّهْرِيَّ عَمَّنْ سَرَقَ عَبْدًا أَعْجَمِيًّا لاَ يَفْقَهُ قَالَ : يُقْطَعُ. وَبِالْقَطْعِ فِي سَرِقَةِ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ , ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ , وَمَالِكٌ , وَالشَّافِعِيُّ , وَأَحْمَدُ , وَأَصْحَابُهُمْ , وَإِسْحَاقُ , وَأَصْحَابُنَا , وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ. وَذُكِرَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ اسْتَحْسَنَ أَنْ يُقْطَعَ. وَأَمَّا مَنْ سَرَقَ حُرًّا فَإِنَّ حُمَامَ بْنَ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : أُخْبِرْت أَنَّ عَلِيًّا قَطَعَ الْبَائِعَ بَائِعَ الْحُرِّ وَقَالَ : لاَ يَكُونُ الْحُرُّ عَبْدًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لَيْسَ عَلَيْهِ قَطْعٌ , وَعَلَيْهِ شَبِيهٌ بِالْقَطْعِ الْحَبْسُ. وقال أبو حنيفة , وَسُفْيَانُ , وَأَحْمَدُ , وَأَبُو ثَوْرٍ : لاَ قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ حُرًّا صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا. وقال مالك , وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ : عَلَى مَنْ سَرَقَ حُرًّا صَغِيرًا , الْقَطْعُ وَذُكِرَ هَذَا عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ , وَالشَّعْبِيِّ. قال أبو محمد رحمه الله : وَقَدْ جَاءَ فِي هَذَا أَثَرٌ , لاَ عَلَيْنَا أَنْ نَذْكُرَهُ ; لأََنَّ الْحَنَفِيِّينَ يَأْخُذُونَ بِأَقَلَّ مِنْهُ , إذَا وَافَقَهُمْ , وَهُوَ : كَمَا ، حَدَّثَنَا الْقَاضِي عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَحَّافٍ الْمَعَافِرِيُّ بِبُلُنْسِيَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بِطُلَيْطُلَةَ ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ الْعَلاَءِ الْقُشَيْرِيُّ بِمِصْرَ ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ الْبَصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ إِسْحَاقَ الأَنْصَارِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْر عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِرَجُلٍ كَانَ يَسْرِقُ الصِّبْيَانَ , فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ قال أبو محمد رحمه الله : فَلَيْسَ فِيهِ تَخْصِيصُ حُرٍّ مِنْ عَبْدٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. مَنْ سَرَقَ الْمُصْحَفَ قال أبو محمد رحمه الله : قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَصْحَابُهُ , لاَ قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مُصْحَفًا سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَيْهِ حِلْيَةُ فِضَّةٍ تَزِنُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ , أَوْ أَكْثَرَ , أَوْ أَقَلَّ أَوْ لَمْ تَكُنْ. وقال مالك , وَالشَّافِعِيُّ , وَأَصْحَابُنَا : عَلَيْهِ الْقَطْعُ قال أبو محمد رحمه الله : وَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يَرَ الْقَطْعَ بِأَنْ قَالَ : إنَّ لَهُ فِيهِ حَقَّ التَّعْلِيمِ ; لأََنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ عَمَّنْ احْتَاجَ إلَيْهِ. قَالَ : فَلَمَّا كَانَ لَهُ فِيهِ حَقٌّ كَانَ كَمَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. قَالَ : وَالْفِضَّةُ تَبَعٌ ; لأََنَّهَا تَدْخُلُ فِي بَيْعِهِ , كَمَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِهِ الْجِلْدُ , وَالدَّفَّتَانِ وَهَذَا كَلاَمٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَالْبَاطِلِ : أَوَّلُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ : لأََنَّ لَهُ فِيهِ حَقُّ التَّعْلِيمِ وَقَدْ كَذَبَ , إنَّمَا حَقُّ الْمُتَعَلِّمِ فِي التَّلْقِينِ فَقَطْ , لاَ فِي مُصْحَفِ النَّاسِ أَصْلاً , إذْ لَمْ يُوجِبْهُ قُرْآنٌ , وَلاَ سُنَّةٌ , وَلاَ إجْمَاعٌ. وَإِنَّمَا فَرَضَ عَلَى النَّاسِ تَعْلِيمَ بَعْضِهِمْ بَعْضًا الْقُرْآنَ تَدْرِيسًا وَتَحْفِيظًا وَهَكَذَا كَانَ جَمِيعُ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلاَ خِلاَفٍ مِنْ أَحَدٍ , أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ مُصْحَفٌ , وَإِنَّمَا كَانُوا يُلَقِّنُهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا , وَيُقْرِئُهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا , فَمَنْ احْتَاجَ مِنْهُمْ أَنْ يُقَيِّدَ مَا حَفِظَ كَتَبَهُ فِي الأَدِيمِ , وَفِي اللِّخَافِ , وَالأَلْوَاحِ , وَالأَكْتَافِ فَقَطْ. فَبَطَلَ قَوْلُهُ " إنَّ لِلسَّارِقِ حَقًّا فِي الْمُصْحَفِ " وَصَحَّ أَنَّ لِصَاحِبِ الْمُصْحَفِ مَنْعُهُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ , إذْ لاَ ضَرُورَةَ بِأَحَدٍ إلَيْهِ قال أبو محمد رحمه الله : فَصَحَّ أَنَّ الْقَطْعَ وَاجِبٌ فِي سَرِقَةِ الْمُصْحَفِ كَانَتْ عَلَيْهِ حِلْيَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى قال أبو محمد رحمه الله : وَيَلْزَمُهُمْ أَنْ لاَ يُوجِبُوا الْقَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ كُتُبَ الْعِلْمِ وَهَذَا خَطَأٌ , بَلْ الْقَطْعُ فِي كُلِّ ذَلِكَ وَاجِبٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. سُرَّاقٌ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي وُجُوبِ الْقَطْعِ عَلَيْهِمْ قال أبو محمد رحمه الله : قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَصْحَابُهُ : لاَ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ صَلِيبًا , أَوْ وَثَنًا وَلَوْ كَانَ مَنْ فِضَّةٍ , أَوْ ذَهَبٍ قَالَ : فَإِنْ سَرَقَ دَرَاهِمَ فِيهَا صُوَرُ أَصْنَامٍ , أَوْ صُوَرُ صُلْبَانٍ , فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ ; لأََنَّ ذَلِكَ يُعْبَدُ وَهَذَا لاَ يُعْبَدُ قال أبو محمد رحمه الله : وَهَذَا خَطَأٌ , وَتَنَاقُضٌ , وَاحْتِجَاجٌ فَاسِدٌ. أَمَّا الْخَطَأُ , فَإِسْقَاطُ الْحَدِّ الَّذِي افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْقَطْعِ عَلَى السَّارِقِ. وَإِنَّمَا وَجَبَ الْقَطْعُ عَلَى سَارِقِ الصَّلِيبِ ; لأََنَّهُ سَرَقَ جَوْهَرًا لاَ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهُ. وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ فِيهِ كَسْرُهُ فَقَطْ , وَأَمَّا مِلْكُ جَوْهَرِهِ فَصَحِيحٌ ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ سَرَقَ إنَاءَ ذَهَبٍ وَإِنَاءَ فِضَّةٍ , وَالنَّهْيُ قَدْ صَحَّ عَنْ اتِّخَاذِ آنِيَةِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ , كَمَا صَحَّ عَنْ اتِّخَاذِ الصَّلِيبِ وَالْوَثَنِ ، وَلاَ فَرْقَ وَالْقَطْعُ وَاجِبٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ ; لأََنَّهُ لَمْ يَسْرِقْ الصُّورَةَ , وَلاَ شَكْلَ الْإِنَاءِ , وَإِنَّمَا سَرَقَ الْجِسْمَ الْحَلاَلَ تَمَلُّكَهُ , وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ فِي الآنِيَةِ الْمَذْكُورَةِ , وَالصُّلْبَانِ , وَالأَوْثَانِ , الْكَسْرُ فَقَطْ. فَإِنْ كَانَ الصَّلِيبُ , أَوْ الْوَثَنُ , مِنْ حَجَرٍ لاَ قِيمَةَ لَهُ أَصْلاً بَعْدَ الْكَسْرِ , فَلاَ قَطْعَ فِيهِ أَصْلاً , لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ ، رضي الله عنها ، إنَّ يَدَ السَّارِقِ لَمْ تَكُنْ تُقْطَعُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّيْءِ التَّافِهِ وَسَنَسْتَقْصِي الْكَلاَمَ فِي ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كَلاَمِنَا " فِي مِقْدَارِ مَا يُقْطَعُ فِيهِ السَّارِقُ ". وَأَمَّا التَّنَاقُضُ , فَظَاهِرٌ أَيْضًا ; لأََنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ صُورَةٍ وَصُورَةٍ بِلاَ برهان وَكِلاَهُمَا مُحَرَّمٌ تَصْوِيرُهُ , وَمُتَوَعَّدٌ عَلَيْهِ بِالْعَذَابِ الشَّدِيدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَأَمَّا فَسَادُ احْتِجَاجِهِ , بِأَنَّ الصَّلِيبَ يُعْبَدُ , وَالصُّورَةُ الَّتِي فِي الدَّرَاهِمِ لاَ تُعْبَدُ , فَإِنَّ الْهِنْدَ يَعْبُدُونَ الْبَقَرَ كَمَا يَعْبُدُ النَّصَارَى الصَّلِيبَ , وَيُعَظِّمُونَهَا كَمَا يُعَظَّمُ الصَّلِيبُ , وَلاَ فَرْقَ فَيَلْزَمُهُ أَيْضًا , أَنْ لاَ يَقْطَعَ فِي سَرِقَةِ الْبَقَرِ. فَإِنْ قَالُوا : إنَّنَا نَحْنُ لاَ نَعْبُدُهَا قلنا لَهُمْ : وَإِنَّنَا نَحْنُ أَيْضًا لاَ نَعْبُدُ الصَّلِيبَ , وَلاَ نُعَظِّمُهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِنْ إسْقَاطِ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَطْعَ عَنْ سَارِقِ الصَّلِيبِ , وَهُوَ يَقْتُلُ الْمُسْلِمِ إذَا قَتَلَ عَابِدَ الصَّلِيبِ فَلَئِنْ كَانَ لِعَابِدِ الصَّلِيبِ مِنْ الْحُرْمَةِ عِنْدَهُمْ مَا يُسْتَبَاحُ بِهِ دَمُ الْمُسْلِمِ , فَإِنَّ لِمَالِ عَابِدِ الصَّلِيبِ مِنْ الْحُرْمَةِ مَا تُسْتَبَاحُ بِهِ يَدُ سَارِقِهِ , وَالصَّلِيبُ مَالٌ مِنْ مَالِهِ , هَذَا عَلَى أَنَّ النَّهْيَ قَدْ صَحَّ أَنْ لاَ يُقْتَلَ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". نَعَمْ , وَعَنْ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ , إذْ يَقُولُ إحْضَارُ السَّرِقَةِ قال أبو محمد رحمه الله : قَالَ الْمَالِكِيُّونَ : مَنْ أَقَرَّ بِسَرِقَةِ دَرَاهِمَ كَثِيرَةٍ أَوْ قَلِيلَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ , فَإِنَّ الْقَطْعَ لاَ يَجِبُ بِذَلِكَ إِلاَّ حَتَّى يُحْضِرَ ذَلِكَ الشَّيْءَ الَّذِي أَقَرَّ بِسَرِقَتِهِ قال أبو محمد رحمه الله : وَهَذَا أَيْضًا خَطَأٌ ; لأََنَّهُ رَدٌّ لِمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ قَطْعِ السَّارِقِ , وَلَمْ يَشْتَرِطْ إحْضَارَ السَّرِقَةِ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا لَكِنَّ الْوَاجِبَ قَطْعُهُ ، وَلاَ بُدَّ , ثُمَّ يَلْزَمُهُ إحْضَارُ مَا سَرَقَ لِيَرُدَّ إلَى صَاحِبِهِ إنْ عُرِفَ أَوْ لِيَكُونَ فِي جَمِيعِ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يَعْرِفْ صَاحِبَهُ فَإِنْ عَدِمَ الشَّيْءَ الْمَسْرُوقَ ضَمِنَهُ , عَلَى مَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا , إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قال أبو محمد رحمه الله : وَلاَ نَعْلَمُ لِمَنْ خَالَفَ هَذَا حُجَّةً أَصْلاً فَإِنْ تَعَلَّقُوا : بِمَا ناه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَضَّاحٍ ، حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ : أَنَّ طَارِقًا كَانَ جَعَلَهُ ثَعْلَبَةُ الشَّامِيُّ عَلَى الْمَدِينَةِ يَسْتَخْلِفُهُ , فَأُتِيَ بِإِنْسَانٍ مُتَّهَمٍ بِسَرِقَةٍ , فَجَلَدَهُ , فَلَمْ يَزَلْ يَجْلِدُهُ حَتَّى اعْتَرَفَ بِالسَّرِقَةِ , فَأَرْسَلَ إلَى ابْنِ عُمَرَ فَاسْتَفْتَاهُ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لاَ تُقْطَعْ يَدُهُ حَتَّى يُبْرِزَهَا فَهَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ ; لأََنَّ مَنْ أَقَرَّ تَحْتَ الْعَذَابِ وَبِالتَّهْدِيدِ فَلاَ قَطَعَ عَلَيْهِ , وَسَوَاءٌ أَبْرَزَ السَّرِقَةَ أَوْ لَمْ يُبْرِزْهَا ; لأََنَّهُ قَدْ يَكُونُ أُودِعَتْ عِنْدَهُ , وَهُوَ يَدْرِي أَنَّهَا سَرِقَةٌ أَوْ لاَ يَدْرِي , فَلاَ يَكُونُ عَلَى الْمُودَعِ فِي ذَلِكَ قَطْعٌ أَصْلاً. وَيَحْتَمِلُ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ هَذَا أَيْ حَتَّى يُبْرِزَ قَوْلَتَهُ مُجَرَّدَةً مِنْ الْإِقْرَارِ بِالضَّرْبِ , مَعَ أَنَّهُ لاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَمْ قَوْلَةٌ لأَبْنِ عُمَرَ قَدْ خَالَفُوهَا بِلاَ برهان فَإِنْ ذَكَرُوا مَا رُوِّينَا بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إلَى ابْنِ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ , قَالَ : كَتَبَ إلَيَّ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يَقُولُ : مَنْ اعْتَرَفَ بِسَرِقَةٍ , ثُمَّ أَتَى مَعَ ذَلِكَ بِمَا يُصَدِّقُ اعْتِرَافَهُ فَذَلِكَ الَّذِي تُقْطَعُ يَدُهُ , وَمَنْ اعْتَرَفَ عَلَى تَهَدُّدٍ وَتَخَوُّفٍ , ثُمَّ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُصَدِّقُ اعْتِرَافَهُ , فَإِنَّ نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنْ يُقْطَعُوا فِي مِثْلِ هَذَا. وَبِهِ إلَى ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ رَبِيعَةَ , قَالَ : مَنْ اعْتَرَفَ بَعْدَ امْتِحَانٍ فَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ عِنْدَهُ , وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُصَدِّقُهُ مِنْ عَمَلِهِ , فَإِنَّ اعْتِرَافَهُ لَمْ يَكُنْ مُتَّصِلاً , وَلاَ إقَامَتَهُ عَلَى الأَعْتِرَافِ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَلاَءِ مَا قَدْ دَفَعَ عَنْهُ مِنْ الْبَلاَءِ بِاعْتِرَافِهِ , فَنَرَى أَنْ لاَ يُؤْخَذَ بِاعْتِرَافِهِ , إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ وَجْهُ الْبَيِّنَةِ وَالْمَعْرِفَةِ أَنَّهُ صَاحِبُ تِلْكَ السَّرِقَةِ وَهَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ ; لأََنَّ مَنْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ , فَلاَ يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ أَقَرَّ بِلاَ تَهْدِيدٍ ، وَلاَ عَذَابٍ , أَوْ أَقَرَّ بِتَهْدِيدٍ وَعَذَابٍ فَإِنْ أَقَرَّ بِتَهْدِيدٍ وَعَذَابٍ , فَلاَ قَطْعَ عَلَيْهِ أَصْلاً أَحْضَرَ السَّرِقَةَ , أَوْ لَمْ يُحْضِرْهَا إذْ قَدْ يَدْرِي مَوْضِعَهَا , أَوْ جُعِلَتْ عِنْدَهُ , فَلاَ قَطْعَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِلاَ تَهْدِيدٍ ، وَلاَ عَذَابٍ , فَالْقَطْعُ عَلَيْهِ أَخْرَجَ السَّرِقَةَ , أَوْ لَمْ يُخْرِجْهَا لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ. وَأَمَّا قَوْلُ رَبِيعَةَ " أَنْ لاَ يُؤْخَذَ الْمُكْرَهُ بِاعْتِرَافٍ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ وَجْهُ الْبَيِّنَةِ وَالْمَعْرِفَةِ أَنَّهُ صَاحِبُ تِلْكَ السَّرِقَةِ " فَقَوْلٌ صَحِيحٌ لاَ شَكَّ فِيهِ , أَنَّهُ إذَا جَاءَ بِبَيَانٍ يَتَيَقَّنُ بِهِ دُونَ شَكٍّ أَنَّهُ سَرَقَهَا , فَالْقَطْعُ وَاجِبٌ وَسَوَاءٌ حِينَئِذٍ أَقَرَّ تَحْتَ الْعَذَابِ أَوْ دُونَ عَذَابٍ وَكَذَلِكَ لَوْ عُذِّبَ أَوْ أَقَرَّ , وَجَاءَتْ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِأَنَّهُمْ رَأَوْهُ يَسْرِقُ لَوَجَبَ قَطْعُ يَدِهِ بِالسَّرِقَةِ , لاَ بِإِقْرَارِهِ , وَقَدْ قلنا : إنَّ إحْضَارَ الشَّيْءِ الْمَسْرُوقِ لَيْسَ بَيَانًا فِي أَنَّهُ هُوَ سَرَقَهُ , وَإِنَّمَا هُوَ ظَنٌّ , وَلاَ يَحِلُّ قَطْعُ يَدِ مُسْلِمٍ بِالظَّنِّ , قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إيَّاكُمْ وَالظَّنُّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ قال أبو محمد رحمه الله : وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ بِحَضْرَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَسَائِر الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، أَنَّهُ قَطْعٌ إِلاَّ قَطْعٌ بِإِقْرَارٍ مُجَرَّدٍ دُونَ إحْضَارِ السَّرِقَةِ , وَأَنَّ السَّرِقَةَ إنَّمَا وُجِدْت عِنْدَ الصَّائِغِ , أَوْ عِنْدَهُ , وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ تُوضَعُ فِي رَحْلِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ : حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ , وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , كِلاَهُمَا عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ : إنِّي سَرَقْت , فَرَدَّهُ , فَقَالَ : إنِّي سَرَقْت , فَقَالَ : شَهِدْت عَلَى نَفْسِكَ مَرَّتَيْنِ , فَقَطَعَهُ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : فَرَأَيْت يَدَهُ فِي عُنُقِهِ مُعَلَّقَةً. وَبِهِ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : قُلْت لِعَطَاءٍ : رَجُلٌ شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً قَالَ : حَسْبُهُ قال أبو محمد رحمه الله : إنَّمَا أَوْرَدْنَا هَذَا لِئَلَّا يَشْغَبُوا فِيمَا يَذْكُرُونَهُ مِنْ إحْضَارِ السَّرِقَةِ بِمَا ذَكَرْنَا ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ , فَأَوْجَدْنَاهُمْ عَنْ عَلِيٍّ أَصَحَّ مِمَّا وَجَدُوا لأَبْنِ عُمَرَ قَطْعًا , بِغَيْرِ إحْضَارِ السَّرِقَةِ , وَكَذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ وَإِلَّا فَلاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال أبو محمد رحمه الله : وَقَالَ بَعْضُ مَنْ لاَ يَرَى دَرْءَ الْحَدِّ عَنْ السَّارِقِ بِرُجُوعِهِ : أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ ثُمَّ رَجَعَ فَلاَ قَطْعَ عَلَيْهِ , لَكِنْ يَغْرَمُ السَّرِقَةَ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَهَا مِنْهُ وَهَذَا تَنَاقُضٌ وَخَطَأٌ ; لأََنَّهُ لَمْ يُقِرَّ لَهُ بِشَيْءٍ إِلاَّ عَلَى وَجْهِ السَّرِقَةِ قلنا : فَلاَ يَخْلُو إقْرَارُهُ ذَلِكَ ضَرُورَةً مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ , لاَ ثَالِثَ لَهُمَا : إمَّا أَنْ يَكُونَ صَادِقًا فِي أَنَّهُ سَرَقَ مِنْهُ مَا ذَكَرَ أَوْ يَكُونَ كَاذِبًا فِي ذَلِكَ , فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَقَدْ عَطَّلُوا الْفَرْضَ , إذْ لَمْ يُنَفِّذُوا عَلَيْهِ مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَقَدْ ظَلَمُوهُ , إذْ غَرَّمُوهُ مَا لَمْ يَجِبْ لَهُ عِنْدَهُ قَطُّ , وَلاَ صَحَّ إقْرَارُهُ بِهِ , فَهُمْ بَيْنَ تَعْطِيلِ الْفَرْضِ , أَوْ ظُلْمٍ فِي إبَاحَةِ مَالٍ مُحَرَّمٍ وَكِلاَهُمَا لاَ يَحِلُّ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. اخْتِلاَفُ الشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ قال أبو محمد رحمه الله : قَالَ الشَّافِعِيُّ , وَأَبُو يُوسُفَ , ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ , وَأَبُو ثَوْرٍ : إنْ اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ , فَقَالَ أَحَدُهُمَا : سَرَقَ بَقَرَةً , وَقَالَ الآخَرُ : بَلْ ثَوْرًا أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا : سَرَقَ بَقَرَةً حَمْرَاءَ , وَقَالَ الآخَرُ : بَلْ سَوْدَاءَ أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا : سَرَقَ يَوْمَ الْخَمِيسِ , وَقَالَ الآخَرُ : بَلْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ , فَلاَ قَطَعَ عَلَيْهِ فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا : سَرَقَ بَقَرَةً حَمْرَاءَ , وَقَالَ الآخَرُ : بَلْ سَوْدَاءَ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ. وقال مالك : إنْ قَالَ : أَحَدُ الشَّاهِدِينَ : سَرَقَ يَوْمَ الْخَمِيسِ , وَقَالَ الآخَرُ : بَلْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ , وَقَالَ اثْنَانِ : زَنَى يَوْمَ الْخَمِيسِ , وَقَالَ اثْنَانِ : بَلْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ , فَقَدْ بَطَلَ عَنْهُ حَدُّ السَّرِقَةِ , وَحَدُّ الزِّنَى. قَالَ : فَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا : قَذَفَ زَيْدًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ , وَقَالَ الآخَرُ : قَذَفَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا : شَرِبَ الْخَمْرَ يَوْمَ الْخَمِيسِ , وَقَالَ الآخَرُ : بَلْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ , فَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ , وَحَدُّ الْخَمْرِ. وَهَذَا كُلُّهُ تَخْلِيطٌ , وَإِنَّمَا أَوْرَدْنَاهُ لِنُرِيَ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى مَنْ نَصَحَ نَفْسَهُ , وَأَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ خَيْرًا , بُطْلاَنَ أَقْوَالِهِمْ فِي التَّشْبِيهِ , الَّذِي هُوَ عِنْدَهُمْ أَصْلٌ لِقِيَاسِهِمْ الْبَاطِلِ , وَأَنَّهُ مَنْ مَيَّزَهُ لَمْ يَعْجِزْ أَنْ يُعَارِضَ عِلَلَهُمْ بِمِثْلِهَا , أَوْ بِأَقْوَى مِنْهَا فَنَقُولُ لِجَمِيعِهِمْ : أَخْبِرُونَا عَمَّنْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِأَنَّهُ سَرَقَ بَقَرَةً حَمْرَاءَ , وَقَالَ الآخَرُ : بَيْضَاءَ وَعَمَّنْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِأَنَّهُ قَذَفَ زَيْدًا , وَقَالَ أَحَدُهُمَا : أَمْسِ , وَقَالَ الآخَرُ : بَلْ الْيَوْمَ أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا : شَرِبَ خَمْرًا أَمْسِ , وَقَالَ الآخَرُ : بَلْ الْيَوْمَ أَهَذِهِ الشَّهَادَةُ عَلَى سَرِقَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ عَلَى سَرِقَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ وَعَلَى قَذْفٍ وَاحِدٍ , أَمْ عَلَى قَذَفَيْنِ مُتَغَايِرَيْنِ وَعَلَى شُرْبٍ وَاحِدٍ , أَمْ عَلَى شُرْبَيْنِ مُفْتَرِقَيْنِ فَإِنْ قَالُوا : بَلْ عَلَى سَرِقَةٍ وَاحِدَةٍ , وَشُرْبٍ وَاحِدٍ , وَقَذْفٍ وَاحِدٍ , كَابَرُوا الْعِيَانَ ; لأََنَّهُ لاَ يَشُكُّ ذُو حِسٍّ سَلِيمٍ فِي أَنَّ شُرْبَ يَوْمِ الْخَمِيسِ لَيْسَ هُوَ شُرْبَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ , وَإِنَّمَا هُوَ شُرْبٌ آخَرُ ، وَأَنَّ سَرِقَةَ بَقَرَةٍ صَفْرَاءَ لَيْسَتْ هِيَ سَرِقَةُ بَقَرَةٍ سَوْدَاءَ , وَإِنَّمَا هِيَ سَرِقَةٌ أُخْرَى وَإِنْ قَالُوا : بَلْ هِيَ سَرِقَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ , وَشُرْبَانِ مُخْتَلِفَانِ , وَقَذْفَانِ مُخْتَلِفَانِ مُتَغَايِرَانِ قِيلَ لَهُمْ : فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الشَّهَادَاتِ بِزِنًا مُخْتَلِفٍ , أَوْ بِسَرِقَةِ ثَوْرٍ , أَوْ بَقَرَةٍ , أَوْ بِاخْتِلاَفِ الشَّهَادَةِ فِي الْمَكَانِ وَهَذَا مَا لاَ سَبِيلَ لَهُمْ مِنْهُ إلَى التَّخَلُّصِ أَصْلاً , لاَ بِنَصِّ قُرْآنٍ , وَلاَ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ ، وَلاَ إجْمَاعٍ , وَلاَ قَوْلِ صَاحِبٍ , وَلاَ قِيَاسٍ , وَلاَ رَأْيٍ سَدِيدٍ فَسَقَطَ بِيَقِينٍ قَوْلُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الأَحْكَامِ الَّتِي ذَكَرْنَا , وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ قَوْلُ مَنْ سَاوَى بَيْنَهُمَا , فَرَاعَى الأَخْتِلاَفَ فِي كُلِّ ذَلِكَ , أَوْ لَمْ يُرَاعِ الأَخْتِلاَفَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قال أبو محمد رحمه الله : فَوَجَدْنَا مَنْ رَاعَى الأَخْتِلاَفَ فِي كُلِّ ذَلِكَ يَقُولُ : إذَا اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ فِي صِفَةِ الْمَسْرُوقِ , أَوْ فِي زَمَانِهِ , أَوْ فِي مَكَانِهِ فَإِنَّمَا حَصَلَ مِنْ قَوْلِهِمْ فِعْلاَنِ مُتَغَايِرَانِ , فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَإِنَّمَا حَصَلَ عَلَى فِعْلِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ , وَلاَ يَجُوزُ الْقَطْعُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ الْقَذْفُ , فَلاَ يَجُوزُ إقَامَةُ حَدِّ قَذْفٍ , وَلاَ حَدِّ خَمْرٍ , بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ فَهَذِهِ حُجَّتُهُمْ , مَا لَهُمْ حُجَّةٌ غَيْرُهَا. فَنَظَرْنَا فِيهَا فَوَجَدْنَاهَا لاَ تَصِحُّ ; لأََنَّ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُضْبَطَ فِي الشَّهَادَةِ , وَيُطْلَبَ بِهِ الشَّاهِدُ , إنَّمَا هُوَ مَا لاَ تَتِمُّ الشَّهَادَةُ إِلاَّ بِهِ , وَاَلَّذِي إنْ نَقَصَ لَمْ تَكُنْ شَهَادَةٌ , فَهَذَا هُوَ الَّذِي إنْ اخْتَلَفَ الشَّاهِدُ فِيهِ بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ ; لأََنَّهَا لَمْ تَتِمَّ. وَأَمَّا مَا لاَ مَعْنَى لِذِكْرِهِ فِي الشَّهَادَةِ , وَلاَ يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِيهَا , وَتَتِمُّ الشَّهَادَةُ مَعَ السُّكُوتِ عَنْهُ , فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُلْتَفَتَ إلَيْهِ وَسَوَاءٌ اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِيهِ , أَوْ لَمْ يَخْتَلِفُوا , وَسَوَاءٌ ذَكَرُوهُ , أَوْ لَمْ يَذْكُرُوهُ وَاخْتِلاَفُهُمْ فِيهِ كَاخْتِلاَفِهِمْ فِي قِصَّةٍ أُخْرَى لَيْسَتْ مِنْ الشَّهَادَةِ فِي شَيْءٍ , وَلاَ فَرْقَ , فَلَمَّا وَجَبَ هَذَا كَانَ ذِكْرُ اللَّوْنِ فِي الشَّهَادَةِ لاَ مَعْنَى لَهُ , وَكَانَ أَيْضًا ذِكْرُ الْوَقْتِ فِي الشَّهَادَةِ فِي الزِّنَا وَفِي السَّرِقَةِ , وَفِي الْقَذْفِ , وَفِي الْخَمْرِ لاَ مَعْنَى لَهُ وَكَانَ أَيْضًا ذِكْرُ الْمَكَانِ فِي كُلِّ ذَلِكَ لاَ مَعْنَى لَهُ , فَكَانَ اخْتِلاَفُهُمْ فِي كُلِّ ذَلِكَ كَاتِّفَاقِهِمْ , كَسُكُوتِهِمْ , وَلاَ فَرْقَ ; لأََنَّ الشَّهَادَةَ فِي كُلِّ ذَلِكَ تَامَّةٌ دُونَ ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , وَإِنَّمَا حُكْمُ الشَّهَادَةِ وَحَسْبُ الشُّهُودِ أَنْ يَقُولُوا : إنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةِ أَجْنَبِيَّةٍ نَعْرِفُهَا , أَوْلَجَ ذَكَرَهُ فِي قُبُلِهَا , رَأَيْنَا ذَلِكَ فَقَطْ , وَمَا نُبَالِي قَالُوا : إنَّهَا سَوْدَاءُ , أَوْ بَيْضَاءُ , أَوْ زَرْقَاءُ أَوْ كَحْلاَءُ مُكْرَهَةٌ , أَوْ طَائِعَةٌ , أَمْسِ , أَوْ الْيَوْمِ , أَوْ مُنْذُ سَنَةٍ بِمِصْرَ , أَوْ بِبَغْدَادَ. وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَفُوا فِي لَوْنِ ثَوْبِهِ حِينَئِذٍ , أَوْ لَوْنِ عِمَامَتِهِ. وَكَذَلِكَ حَسْبُهُمْ أَنْ يَقُولُوا : سَرَقَ رَأْسًا مِنْ الْبَقَرِ مُخْتَفِيًا بِأَخْذِهِ , وَلاَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَقُولاَ : أَقْرَنُ , أَوْ أَعْضَبُ , أَوْ أَبْتَرُ , أَوْ وَافِي الذَّنَبَ أَبْيَضَ أَوْ أَسْوَدَ وَهَكَذَا فِي الْقَذْفِ , وَشُرْبِ الْخَمْرِ , وَلاَ فَرْقَ. فَصَحَّ أَنَّ الشَّهَادَةَ فِي كُلِّ ذَلِكَ تَامَّةٌ مَعَ اخْتِلاَفِ الشُّهُودِ , وَمَا لاَ يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ فِي الشَّهَادَةِ , إذَا اقْتَضَتْ شَهَادَتُهُمْ وُجُودَ الزِّنَا مِنْهُ , أَوْ وُجُودَ السَّرِقَةِ , أَوْ وُجُودَ الْقَذْفِ مِنْهُ , أَوْ وُجُودَ شُرْبِ الْخَمْرِ مِنْهُ فَقَطْ ; لأََنَّهُمْ قَدْ اتَّفَقُوا فِي ذَلِكَ. وَهَذَا هُوَ الْمُوجِبُ لِلْحَدِّ , فَإِنَّمَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَدَّ فِي كُلِّ ذَلِكَ بِوُقُوعِ الزِّنَا , وَوُجُوبِ السَّرِقَةِ , أَوْ الْقَذْفِ , وَأَثْبَتَ الأَرْبَعَةُ الزِّنَا فَقَدْ وَجَبَ الْحَدُّ فِي ذَلِكَ بِنَصِّ الْقُرْآنِ , وَالسُّنَّةِ وَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ , وَلاَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ تَقْبَلُوا الشَّهَادَةَ حَتَّى يَشْهَدُوا عَلَى زِنًا وَاحِدٍ , فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ , فِي مَكَان وَاحِدٍ , وَعَلَى سَرِقَةٍ وَاحِدَةٍ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ , فِي مَكَان وَاحِدٍ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا. وَتَاللَّهِ , لَوْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ لَمَا أَهْمَلَهُ , وَلاَ أَغْفَلَهُ حَتَّى يُبَيِّنَهُ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ , وَحَاشَ لِلَّهِ مِنْ هَذَا. فَصَحَّ أَنَّ مَا اشْتَرَطُوهُ مِنْ ذَلِكَ خَطَأٌ لاَ مَعْنَى لَهُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ : فَلْيَعْلَمُوا أَنَّ قَوْلَهُمْ : لاَ نَعْلَمُهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ، رضي الله عنهم ، وَلاَ نَذْكُرُهُ عَنْ تَابِعٍ , إِلاَّ شَيْئًا وَرَدَ عَنْ قَتَادَةَ : وَ حدثنا حمام ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ , فِي رَجُلٍ شَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ أَنَّهُ سَرَقَ بِأَرْضٍ , وَشَهِدَ عَلَيْهِ آخَرُ بِأَنَّهُ سَرَقَ بِأَرْضٍ أُخْرَى قَالَ : لاَ قَطْعَ عَلَيْهِ. وَقَدْ صَحَّ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ مِمَّنْ نَعْلَمُهُ أَعْلَى مِنْ قَتَادَةَ خِلاَفُ هَذَا : كَمَا ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : تَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّجُلِ وَحْدَهُ فِي السَّرِقَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مِثْلَ هَذَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ وَإِنْ كُنَّا لاَ نَقُولُ بِهِ وَلَكِنْ لَنُرِيهِمْ أَنَّ تَمْوِيهَهُمْ بِأَنَّهَا شَهَادَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ : كَلاَمٌ فَاسِدٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. الْقَطْعُ فِي الضَّرُورَةِ قال أبو محمد رحمه الله : حَدَّثَنَا حُمَامٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ : قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : لاَ تُقْطَعُ فِي عِذْقٍ , وَلاَ فِي عَامِ السَّنَةِ. وَبِهِ إلَى مَعْمَرٍ عَنْ أَبَانَ : أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي نَاقَةٍ نُحِرَتْ , فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : هَلْ لَكَ فِي نَاقَتَيْنِ عِشْرَاوَيْنِ , مُرْتِعَتَيْنِ , سَمِينَتَيْنِ , بِنَاقَتِكَ فَإِنَّا لاَ نَقْطَعُ فِي عَامِ السَّنَةِ وَالْمُرْتِعَتَانِ : الْمُوَطَّأَتَانِ قال أبو محمد : مَنْ سَرَقَ مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُ , فَإِنْ أَخَذَ مِقْدَارَ مَا يَغِيثُ بِهِ نَفْسَهُ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ , وَإِنَّمَا أَخَذَ حَقَّهُ , فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلاَّ شَيْئًا وَاحِدًا فَفِيهِ فَضْلٌ كَثِيرٌ , كَثَوْبٍ وَاحِدٍ أَوْ لُؤْلُؤَةٍ , أَوْ بَعِيرٍ , أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ , فَأَخْذُهُ كَذَلِكَ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ أَيْضًا ; لأََنَّهُ يَرُدُّ فَضْلَهُ لِمَنْ فَضَلَ عَنْهُ ; لأََنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى فَضْلِ قُوَّتِهِ مِنْهُ , فَلَوْ قَدَرَ عَلَى مِقْدَارِ قُوَّتِهِ يُبَلِّغُهُ إلَى مَكَانِ الْمَعَاشِ فَأَخَذَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مُمَكَّنٌ لاَ يَأْخُذُهُ , فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ ; لأََنَّهُ سَرَقَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ , وَإِنْ فُرِضَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَخْذُ مَا اُضْطُرَّ إلَيْهِ فِي مَعَاشِهِ , فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ قَاتِلٌ نَفْسَهُ , وَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ، مَنْ سَرَقَ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمَةٍ قال أبو محمد رحمه الله : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَنْ سَرَقَ مِنْ مَالِ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمَةٍ فَقَالَ مَالِكٌ , وَأَبُو حَنِيفَةَ , وَالشَّافِعِيُّ , وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ , وَأَصْحَابُهُمْ , وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , وَإِسْحَاقُ : إنْ سَرَقَ الأَبَوَانِ مِنْ مَالِ ابْنِهِمَا , أَوْ بِنْتِهِمَا فَلاَ قَطَعَ عَلَيْهِمَا. قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَكَذَلِكَ الأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ كَيْفَ كَانُوا لاَ قَطْعَ عَلَيْهِمْ فِيمَا سَرَقُوهُ مِنْ مَالِ مَنْ تَلِيهِ وِلاَدَتِهِمْ. وَقَالَ هَؤُلاَءِ كُلُّهُمْ حَاشَا مَالِكًا , وَأَبَا ثَوْرٍ : لاَ قَطْعَ عَلَى الْوَلَدِ , وَلاَ عَلَى الْبِنْتِ فِيمَا سَرَقَاهُ مِنْ مَالِ الْوَالِدَيْنِ , أَوْ الأَجْدَادِ , أَوْ الْجَدَّاتِ , قَالَ مَالِكٌ , وَأَبُو ثَوْرٍ : عَلَيْهِمَا الْقَطْعُ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ , وَأَبُو حَنِيفَةَ , وَأَصْحَابُهُ : لاَ قَطْعَ عَلَى كُلِّ مَنْ سَرَقَ مَالاً لأََحَدٍ مِنْ رَحِمِهِ الْمَحْرَمَةِ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا : الْقَطْعُ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ وَلَدِهِ , أَوْ مِنْ وَالِدَيْهِ , أَوْ مِنْ جَدَّتِهِ , أَوْ مِنْ جَدِّهِ , أَوْ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمَةٍ , أَوْ غَيْرِ مَحْرَمَةٍ. وَاتَّفَقُوا كُلُّهُمْ أَنَّهُ يُقْطَعُ فِيمَا سَرَقَ مِنْ ذِي رَحِمِهِ غَيْرِ الْمَحْرَمَةِ , وَفِيمَا سَرَقَ مِنْ أُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ , وَابْنَتِهِ وَابْنِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ , وَإِخْوَتِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ قال أبو محمد : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا , وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ لِنَعْلَمَ الْحَقَّ فَنَتَّبِعَهُ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى فَنَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ أَسْقَطَ الْقَطْعَ عَنْ الأَبَوَيْنِ فِي مَالِ الْوَلَدِ إذَا سَرَقَهُ فَوَجَدْنَاهُمْ يَحْتَجُّونَ بِالثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ أَنْتَ وَمَالُكَ لأََبِيكَ قَالُوا : فَإِنَّمَا أَخَذَ مَالَهُ. وَقَالُوا : لَوْ قَتَلَ ابْنَهُ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ , وَلَوْ زَنَى بِأَمَةِ ابْنِهِ لَمْ يُحَدَّ لِذَلِكَ , فَكَذَلِكَ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِهِ قَالَ : وَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَنْ يُعَفِّفَ أَبَاهُ إذَا احْتَاجَ إلَى النَّاسِ فَلَهُ فِي مَالِهِ حَقٌّ بِذَلِكَ. وَقَالُوا : لَهُ فِي مَالِهِ حَقٌّ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ كُلِّفَ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ. وَقَالُوا : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ تَعَالَى وَقَالَ تَعَالَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَيْضًا فَالأَمْرُ بِالْإِحْسَانِ لَيْسَ فِيهِ مَنْعٌ مِنْ إقَامَةِ الْحُدُودِ , بَلْ إقَامَتُهَا عَلَيْهِمْ مِنْ الْإِحْسَانِ إلَيْهِمْ , بِنَصِّ الْقُرْآنِ , لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : وَأَمَّا قوله تعالى وَأَمَّا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنْتَ وَمَالُكَ لأََبِيكَ فَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ : أَنَّ ذَلِكَ خَبَرٌ مَنْسُوخٌ , قَدْ صَحَّ نَسْخُهُ بِآيَاتِ الْمَوَارِيثِ وَغَيْرِهَا. وَأَوَّلُ مَنْ يَحْتَجُّ بِهَذَا الْخَبَرِ : فَالْحَنَفِيُّونَ , وَالْمَالِكِيُّونَ , وَالشَّافِعِيُّونَ ; لأََنَّهُمْ لاَ يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ الأَبَ إذَا أَخَذَ مِنْ مَالِ ابْنِهِ دِرْهَمًا وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِرَدِّهِ , أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ كَمَا يُقْضَى بِذَلِكَ عَلَى الأَجْنَبِيِّ ، وَلاَ فَرْقَ , وَلَوْ كَانَ مَالُ الْوَلَدِ لِلْوَالِدِ لَمَا قُضِيَ عَلَيْهِ بِرَدِّ مَا أُخِذَ مِنْهُ. فَإِذْ قَدْ صَحَّ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ مَنْسُوخٌ , وَصَحَّ أَنَّ مَالَ الْوَلَدِ لِلْوَلَدِ لاَ لِلْوَالِدِ , فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ كَمَالِ الأَجْنَبِيِّ ، وَلاَ فَرْقَ فَإِنْ قَالُوا : إنَّ لِلْوَالِدَيْنِ حَقًّا فِي مَالِ الْوَلَدِ ; لأََنَّهُمَا إذَا احْتَاجَا أُجْبِرَ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِمَا , وَعَلَى أَنْ يَعِفَّ أَبَاهُ , فَإِذْ لَهُ فِي مَالِهِ حَقٌّ , فَلاَ يُقْطَعُ فِيمَا سَرَقَ مِنْهُ : فَهَذَا تَمْوِيهٌ ظَاهِرٌ وَلَمْ يُخَالِفْهُمْ أَحَدٌ فِي أَنَّ الْوَالِدَيْنِ إذَا احْتَاجَا فَأَخَذَا مِنْ مَالِ وَلَدِهِمَا حَاجَتَهُمَا بِاخْتِفَاءٍ أَوْ بِقَهْرٍ أَوْ كَيْفَ أَخَذَاهُ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِمَا , فَإِنَّمَا أَخَذَا حَقَّهُمَا وَإِنَّمَا الْكَلاَمُ فِيهِمَا إذَا أَخَذَا مَا لاَ حَاجَةَ بِهِمَا إلَيْهِ إمَّا سِرًّا وَأَمَّا جَهْرًا فَاحْتِجَاجُهُمَا بِمَا لَيْسَ مِنْ مَسْأَلَتِهِمَا تَمْوِيهٌ. وَهُمْ لاَ يَخْتَلِفُونَ فِيمَنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ عِنْدَ أَحَدٍ , فَأَخَذَ مِنْ مَالِهِ مِقْدَارَ حَقِّهِ , فَإِنَّهُ لاَ يُقْطَعُ , وَلاَ يُقْضَى عَلَيْهِ بِرَدِّهِ فَلَوْ كَانَ وُجُوبُ الْحَقِّ لِلأَبَوَيْنِ فِي مَالِ الْوَلَدِ إذَا احْتَاجَا إلَيْهِ مُسْقِطًا لِلْقَطْعِ عَنْهُمَا إذَا سَرَقَا مِنْ مَالِهِ مَا لاَ يَحْتَاجَانِ إلَيْهِ ، وَلاَ حَقَّ لَهُمَا فِيهِ , لَوَجَبَ ضَرُورَةً أَنْ يَسْقُطَ الْقَطْعُ عَنْ الْغَرِيمِ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ فِي مَالِ غَرِيمِهِ إذَا سَرَقَ مِنْهُ مَا لاَ حَقَّ لَهُ فِيهِ وَهَذَا لاَ يَقُولُونَهُ. فَبَطَلَ مَا مَوَّهُوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : لَوْ قَتَلَ ابْنَهُ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ , وَلَوْ قَطَعَ لَهُ عُضْوًا أَوْ كَسَرَهُ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ , وَلَوْ قَذَفَ لَمْ يُحَدَّ لَهُ , وَلَوْ زَنَى بِأَمَتِهِ لَمْ يُحَدَّ , فَكَذَلِكَ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِهِ لَمْ يُحَدَّ فَكَلاَمٌ بَاطِلٌ , وَاحْتِجَاجٌ لِلْخَطَأِ بِالْخَطَأِ. بَلْ لَوْ قَتَلَ ابْنَهُ لَقُتِلَ بِهِ , وَلَوْ قَطَعَ لَهُ عُضْوًا أَوْ كَسَرَهُ لاَقْتُصَّ مِنْهُ , وَلَوْ قَذَفَهُ لَحُدَّ لَهُ , وَلَوْ زَنَى بِأَمَتِهِ لَحُدَّ كَمَا يُحَدُّ الزَّانِي وَقَدْ بَيَّنَّا كُلَّ هَذَا فِي أَبْوَابِهِ فِي " كِتَابِ الدِّمَاءِ , وَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الزِّنَا وَحَدِّ الْقَذْفِ ". قال أبو محمد رحمه الله : فَإِذْ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ حُجَّةٌ أَصْلاً , فَالْوَاجِبُ أَنْ نَرْجِعَ عِنْدَ التَّنَازُعُ إلَى مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْمُسْلِمِينَ الرُّجُوعَ إلَيْهِ {إذْ يَقُولُ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرَدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} الآيَةَ فَفَعَلْنَا : فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : فَصَحَّ أَنَّ الْقَطْعَ وَاجِبٌ عَلَى الأَبِ , وَالْأُمِّ , إذَا سَرَقَا مِنْ مَالِ ابْنِهِمَا مَا لاَ حَاجَةَ بِهِمَا إلَيْهِ. ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ مَنْ احْتَجَّ بِهِ مَنْ رَأَى إسْقَاطَ الْقَطْعِ عَنْ الأَبْنِ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ أَبَوَيْهِ , وَعَنْ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمَةٍ فَوَجَدْنَاهُمْ يَحْتَجُّونَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَيْضًا فَإِنَّ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمَةَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى ذِي رَحِمِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ , فَصَارَ لَهُ بِذَلِكَ حَقٌّ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ بَدَلٍ , فَأَشْبَهَ السَّارِقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. قَالُوا : وَلَمَّا كَانَ مُحْتَاجًا إلَى مَا يُنْفِقُهُ عَلَيْهِ لأَِحْيَاءِ نَفْسِهِ كَانَ ذَلِكَ لاَزِمًا فِي جَمِيعِ أَعْضَائِهِ , فَلِذَلِكَ يَسْقُطُ الْقَطْعُ عَنْ الْيَدِ قال أبو محمد رحمه الله : فَهَذَا كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ , وَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ أَصْلاً , عَلَى مَا نُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى , فأما الآيَةُ فَحَقٌّ , وَلاَ دَلِيلَ فِيهَا عَلَى مَا ذَكَرُوا , بَلْ هِيَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ , وَقَدْ كَذَبُوا فِيهَا أَيْضًا : أَمَّا كَوْنُهَا لاَ دَلِيلَ فِيهَا عَلَى مَا ادَّعُوهُ , فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا إسْقَاطُ الْقَطْعِ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ هَؤُلاَءِ لاَ بِنَصٍّ ، وَلاَ بِدَلِيلٍ وَإِنَّمَا فِيهَا إبَاحَةُ الأَكْلِ لاَ إبَاحَةُ الأَخْذِ بِلاَ خِلاَفٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ فَإِذَا قَالُوا : قِسْنَا الأَخْذَ عَلَى الأَكْلِ قلنا لَهُمْ : الْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ , ثُمَّ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنُ الْبَاطِلِ ; لأََنَّ الْقِيَاسَ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ قِيَاسُ الشَّيْءِ عَلَى نَظِيرِهِ فِي الْعِلَّةِ أَوْ فِي شَبَهٍ بِوَجْهِ مَا , وَلاَ يَجُوزُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ لاَ مُجِيزُ قِيَاسٍ ، وَلاَ مَانِعٌ قِيَاسُ الضِّدِّ عَلَى ضِدِّهِ , وَلاَ مُضَادَّةَ أَكْثَرَ وَمِنْ التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ , وَأَنْتُمْ مُجْمِعُونَ مَعَنَا وَمَعَ النَّاسِ عَلَى أَنَّ الأَخْذَ لِعُرُوضِ الأَخِ , وَالْأُخْتِ , وَالْعَمِّ , وَالْعَمَّةِ , وَالْخَالِ , وَالْخَالَةِ , وَالأَبِ , وَالْأُمِّ , وَالصَّدِيقِ , مِنْ بُيُوتِهِمْ , وَنَقْلُ مَا فِيهَا حَرَامٌ , وَأَنَّ الأَكْلَ حَلاَلٌ , فَكَيْفَ اسْتَحْلَلْتُمْ قِيَاسَ حُكْمِ الْحَرَامِ الْمَمْنُوعِ عَلَى حُكْمِ الْحَلاَلِ الْمُبَاحِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي الآيَةِ , وَكَذِبُهُمْ فِيهَا , قَوْلُ هَذَا الْجَاهِلِ الْمُقَدَّمِ " إنَّ إبَاحَةَ اللَّهِ تَعَالَى الأَكْلَ مِنْ بُيُوتِ هَؤُلاَءِ يَقْتَضِي إبَاحَةَ دُخُولِ مَنَازِلِهِمْ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ ". فَلَيْتَ شِعْرِي أَيْنَ وَجَدُوا هَذَا فِي هَذِهِ الآيَةِ أَوْ فِي غَيْرِهَا فَيَدْخُلُ الصَّدِيقُ مَنْزِلَ صَدِيقِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ هَذَا عَجَبٌ مِنْ الْعَجَبِ , أَمَا سَمِعُوا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى سَرِقَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الآخَرِ قال أبو محمد رحمه الله : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا : فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لاَ قَطْعَ فِي ذَلِكَ كَمَا ، حَدَّثَنَا حُمَامٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : بَلَغَنِي عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ : لَيْسَ عَلَى زَوْجِ الْمَرْأَةِ فِي سَرِقَةِ مَتَاعِهَا قَطْعٌ. وقال أبو حنيفة , وَأَصْحَابُهُ : لاَ قَطْعَ عَلَى الرَّجُلِ فِيمَا سَرَقَ مِنْ مَالِ امْرَأَتِهِ ، وَلاَ عَلَى الْمَرْأَةِ فِيمَا سَرَقَتْ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا. وقال مالك , وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ , وَإِسْحَاقُ , وَأَبُو ثَوْرٍ : عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقَطْعُ فِيمَا سَرَقَ مِنْ مَالِ الآخَرِ مِنْ حِرْزٍ. وقال الشافعي ثَلاَثَةَ أَقْوَالٍ : أَحَدُهَا كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَالآخَرُ كَقَوْلِ مَالِكٍ , وَالثَّالِثُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِهَا قُطِعَتْ يَدُهُ , وَإِنْ سَرَقَتْ هِيَ مِنْ مَالِهِ فَلاَ قَطْعَ عَلَيْهَا قال أبو محمد : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرنَا نَظَرْنَا فِي ذَلِكَ : فَوَجَدْنَا مَنْ لاَ يَرَى الْقَطْعَ يَحْتَجُّ : بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهَا وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. وَهَكَذَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ , وَالضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ , وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ , كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَرَوَاهُ سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَادَ فِيهِ : كَمَا رُوِّينَا بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إلَى مُسْلِمٍ ثني حَرْمَلَةُ ثني ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَر هَذَا الْحَدِيثَ. وَزَادَ فِيهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ. قَالُوا : فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَمِينٌ فِي مَالِ الآخَرِ , فَلاَ قَطْعَ عَلَيْهِ كَالْمُودَعِ. وَزَادَ بَعْضُ مَنْ لاَ يُعْبَأُ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةً لاَ نَعْرِفُهَا , وَلَفْظًا مَبْدُولاً , وَهُوَ الْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي مَالِ زَوْجِهَا وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ امْرَأَتِهِ قال أبو محمد رحمه الله : وَكُلُّ هَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ أَصْلاً. أَمَّا الْخَبَرُ الْمَذْكُورُ فَحَقٌّ وَاجِبٌ لاَ يَحِلُّ تَعَدِّيهِ , وَهُوَ أَعْظَمُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ ; لأََنَّهُ عليه السلام أَخْبَرَ : أَنْ كُلَّ مَنْ ذَكَرنَا رَاعٍ فِيمَا ذَكَرَ , وَأَنَّهُمْ مَسْئُولُونَ عَمَّا اُسْتُرْعُوا مِنْ ذَلِكَ فَإِذْ هُمْ مَسْئُولُونَ عَنْ ذَلِكَ فَبِيَقِينٍ يَدْرِي كُلُّ مُسْلِمٍ أَنَّهُ لَمْ تُبَحْ لَهُمْ السَّرِقَةُ , وَالْخِيَانَةُ , فِيمَا اُسْتُوْدِعُوهُ وَأُسْلِمَ إلَيْهِمْ , وَأَنَّهُمْ فِي ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُونُوا كَالأَجْنَبِيَّيْنِ وَالأَبَاعِدِ وَمَنْ لَمْ يُسْتَرْعَ فَهُمْ بِلاَ شَكٍّ أَشَدُّ إثْمًا , وَأَعْظَمُ جُرْمًا , وَأَسْوَأُ حَالَةً مِنْ الأَجْنَبِيِّينَ , وَأَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَأَقَلُّ أُمُورِهِمْ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِمْ مَا عَلَى الأَجْنَبِيِّينَ ، وَلاَ بُدَّ فَهَذَا حُكْمُ هَذَا الْخَبَرِ عَلَى الْحَقِيقَةِ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ لاَ يَخْتَلِفُونَ أَنَّ عَلَى مَنْ ذَكَرْنَا فِي الْخِيَانَةِ مَا عَلَى الأَجْنَبِيِّينَ مِنْ إلْزَامِ رَدِّ مَا خَانُوا وَضَمَانِهِ , وَهُمْ أَهْلُ قِيَاسٍ بِزَعْمِهِمْ , فَهَلاَّ قَاسُوا مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ السَّرِقَةِ وَالْقَطْعِ فِيهَا عَلَى مَا اُتُّفِقَ عَلَيْهِ مِنْ حُكْمِ الْخِيَانَةِ , وَلَكِنَّهُمْ قَدْ قلنا إنَّهُمْ لاَ النُّصُوصَ اتَّبَعُوا ، وَلاَ الْقِيَاسَ أَحْسَنُوا وَأَيْضًا فَلَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ دَلِيلٌ أَصْلاً عَلَى تَرْكِ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ , وَالْقَوْلُ فِي الزِّيَادَةِ الَّتِي زَادُوهَا سَوَاءٌ كَمَا ذَكَرْنَا لَوْ صَحَّتْ ، وَلاَ فَرْقَ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ " إنَّ كِلَيْهِمَا كَالْمُودَعِ , وَكَالْمَأْذُونِ لَهُ فِي الدُّخُولِ " فَأَعْظَمُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ ; لأََنَّهُمْ لاَ يَخْتَلِفُونَ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا سَرَقَ مِمَّا لَمْ يُودَعْ عِنْدَهُ لَكِنْ مِنْ مَالٍ لِمُودَعٍ آخَرَ فِي حِرْزِهِ , وَأَنَّ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي الدُّخُولِ لَوْ سَرَقَ مِنْ مَالٍ مُحْرَزٍ عَنْهُ لِلْمَدْخُولِ عَلَيْهِ الْإِذْنُ لَهُ فِي الدُّخُولِ لَوَجَبَ الْقَطْعُ عَلَيْهِمَا عِنْدَهُمْ بِلاَ خِلاَفٍ. فَيَلْزَمُهُمْ بِهَذَا التَّشْبِيهِ الْبَدِيعِ بِالضِّدِّ أَنْ لاَ يُسْقِطُوا الْقَطْعَ عَنْ الزَّوْجَيْنِ فِيمَا سَرَقَ أَحَدُهُمَا مِنْ الآخَرِ إِلاَّ فِيمَا اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ , وَلَمْ يُحْرَزْ مِنْهُ , وَإِنْ لَمْ يَجِبْ الْقَطْعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا لَمْ يَأْمَنْهُ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ , وَأُحْرِزَ عَنْهُ , كَالْمُودَعِ وَالْمَأْذُونِ لَهُ فِي الدُّخُولِ ، وَلاَ فَرْقَ وَهَذَا قِيَاسٌ لَوْ صَحَّ : قِيَاسُ سَاعَةٍ مِنْ الدَّهْرِ قال أبو محمد رحمه الله : فَبَطَلَ كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ثُمَّ نَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ , فَرَأَى عَلَيْهِ الْقَطْعَ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِهَا , وَلَمْ يَرَ عَلَيْهَا الْقَطْعُ إذَا سَرَقَتْ مِنْ مَالِهِ. فَوَجَدْنَاهُمْ يَقُولُونَ " إنْ الرَّجُلَ لاَ حَقَّ لَهُ فِي مَالِ الْمَرْأَةِ أَصْلاً , فَوَجَبَ الْقَطْعُ عَلَيْهِ إذَا سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا ; لأََنَّهُ فِي ذَلِكَ كَالأَجْنَبِيِّ ". فَوَجَدْنَا الْمَرْأَة لَهَا فِي مَالِهِ حُقُوقًا مِنْ : صَدَاقٍ , وَنَفَقَةٍ , وَكِسْوَةٍ , وَإِسْكَانٍ , وَخِدْمَةٍ , فَكَانَتْ بِذَلِكَ كَالشَّرِيكِ وَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ لِهِنْدَ بِنْتِ عُتْبَةَ إذْ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ لاَ يُعْطِيهَا مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا , فَقَالَ لَهَا عليه السلام خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ. قَالُوا : فَقَدْ أَطْلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهَا عَلَى مَالِ زَوْجِهَا تَأْخُذُ مِنْهُ مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا , فَهِيَ مُؤْتَمَنَةٌ عَلَيْهِ كَالْمُسْتَوْدَعِ , وَلاَ فَرْقَ. قَالُوا : وَالزَّوْجُ بِخِلاَفِ ذَلِكَ ; لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : وَقَالَ تَعَالَى قال أبو محمد رحمه الله : أَمَّا قَوْلُهُمْ إنَّ لَهَا فِي مَالِهِ حُقُوقًا مِنْ صَدَاقٍ وَنَفَقَةٍ , وَكِسْوَةٍ , وَإِسْكَانٍ , وَخِدْمَةٍ. وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْلَقَ يَدَهَا عَلَى مَالِهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ حِرْزٍ أَوْ غَيْرِ حِرْزٌ , لِتَأْخُذَ مِنْهُ مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا بِالْمَعْرُوفِ إذَا لَمْ يُوَفِّهَا وَإِيَّاهُمْ حُقُوقَهُمْ فَنَعَمْ , كُلُّ هَذَا حَقٌّ وَاجِبٌ , وَهَكَذَا نَقُولُ. وَلَكِنْ لاَ يَشُكُّ ذُو مُسْكَةٍ مِنْ حِسٍّ سَلِيمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُطْلِقْ يَدَهَا عَلَى مَا لاَ حَقَّ لَهَا فِيهِ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا , وَلاَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهَا , فَإِذْ لاَ شَكَّ فِي ذَلِكَ , فَإِبَاحَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأََخْذِ الْحَقِّ وَالْمُبَاحِ لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ أَصْلاً عَلَى إسْقَاطِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَنْ أَخَذَ الْحَرَامَ غَيْرَ الْمُبَاحِ. وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ , لَكَانَ شُرْبُ الْعَصِيرِ الْحَلاَلِ مُسْقِطًا لِلْحَدِّ عَنْهُ , إذَا تَعَدَّى الْحَلاَلَ مِنْهُ إلَى الْمُسْكِرِ الْحَرَامِ , وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ الأَمْرَيْنِ , فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَهَا مَا أَخَذَتْ بِالْحَقِّ , وَعَلَيْهَا مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْقَطْعِ فِيمَا أَخَذَتْ بِوَجْهِ السَّرِقَةِ لِلْحَقِّ الْوَاجِبِ حُكْمُهُ , وَلِلْمُبَاحِ حُكْمُهُ , وَلِلْبَاطِلِ الْمُحَرَّمِ حُكْمُهُ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ. وَهِيَ فِي ذَلِكَ كَالأَجْنَبِيِّ سَوَاءٌ سَوَاءٌ يَكُونُ لَهُ حُقُوقٌ عِنْدَ السَّارِقِ , فَمُبَاحٌ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ وَمِقْدَارَ حَقِّهِ مِنْ مَالِ الَّذِي لَهُ عِنْدَهُ الْحَقُّ مِنْ حِرْزٍ , أَوْ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ نَعَمْ , وَيُقَاتِلُهُ عَلَيْهِ إنْ مَنَعَهُ , وَيَحِلُّ لَهُ بِذَلِكَ دَمُهُ , وَهُوَ مَأْجُورٌ فِي كُلِّ ذَلِكَ , فَإِنْ تَعَمَّدَ أَخْذَ مَا لَيْسَ لَهُ بِحَقٍّ , فَإِنْ تَعَمَّدَ أَخْذَهُ بِإِفْسَادِ طَرِيقٍ فَهُوَ مُحَارِبٌ , لَهُ حُكْمُ الْمُحَارَبِ , وَإِنْ أَخَذَهُ مُجَاهِرًا غَيْرَ مُفْسِدٍ فِي الأَرْضِ فَلَهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ , وَإِنْ أَخَذَهُ مُخْتَفِيًا فَلَهُ حُكْمُ السَّارِقِ , وَالْمُحَارَبِ. هَذَا وَالزَّوْجَةُ فِي مَالِ زَوْجِهَا كَذَلِكَ ; لأََنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَخُصَّ إذْ أَمَرَ بِقَطْعِ السَّارِقِ وَالسَّارِقَةِ , إِلاَّ أَنْ تَكُونَ زَوْجَةٌ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا , وَلاَ يَكُونَ زَوْجٌ مِنْ مَالِ زَوْجَتِهِ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا. فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّ الْقَطْعَ فَرْضٌ وَاجِبٌ عَلَى الأَبِ وَالْأُمِّ إذَا سَرَقَا مِنْ مَالِ ابْنِهِمَا , وَعَلَى الأَبْنِ وَالْبِنْتِ إذَا سَرَقَا مِنْ مَالِ أَبِيهِمَا , وَأُمِّهِمَا , مَا لَمْ يُبَحْ لَهُمَا أَخْذُهُ. وَهَكَذَا كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمَةٍ , أَوْ غَيْرِ مَحْرَمَةٍ , إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ ذِي رَحِمِهِ , أَوْ مِنْ غَيْرِ ذِي رَحِمِهِ , مَا لَمْ يُبَحْ لَهُ أَخْذُهُ. فَالْقَطْعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ إذَا سَرَقَا مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ مَا لَمْ يُبَحْ لَهُ أَخْذُهُ كَالأَجْنَبِيِّ ، وَلاَ فَرْقَ إذَا سَرَقَ مَا لَمْ يُبَحْ وَهُوَ مُحْسِنٌ إنْ أَخَذَ مَا أُبِيحَ لَهُ أَخْذُهُ مِنْ حِرْزٍ , أَوْ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. هَلْ يُقْطَعُ السَّارِقُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ أَمْ لاَ قال أبو محمد رحمه الله : حَدَّثَنَا حُمَامٌ ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ : أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ حَدَّثَهُ , وَابْنَ سَابِطٍ الأَحْوَلَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِعَبْدٍ قَدْ سَرَقَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا عَبْدٌ سَرَقَ وَأُخِذَتْ مَعَهُ سَرِقَتُهُ , وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا عَبْدُ بَنِي فُلاَنٍ , أَيْتَامٌ , لَيْسَ لَهُمْ مَالٌ غَيْرَهُ , فَتَرَكَهُ , قَالَ : ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الثَّانِيَةَ سَارِقًا , ثُمَّ الثَّالِثَةَ , ثُمَّ الرَّابِعَةَ , كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ فِيهِ كَمَا قِيلَ لَهُ فِي الأَوَّلِ , قَالَ : ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الْخَامِسَةَ , فَقَطَعَ يَدَهُ , ثُمَّ أُتِيَ بِهِ السَّادِسَةَ , فَقَطَعَ رِجْلَهُ , ثُمَّ السَّابِعَةَ , فَقَطَعَ يَدَهُ , ثُمَّ الثَّامِنَةَ , فَقَطَعَ رِجْلَهُ. قَالَ الْحَارِثُ : أَرْبَعٌ بِأَرْبَعٍ , فَأُعْفَاهُ اللَّهُ أَرْبَعًا وَعَاقَبَهُ أَرْبَعًا قال أبو محمد رحمه الله : هَذَا مُرْسَلٌ ، وَلاَ حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ. وَلَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ الْحَنَفِيِّينَ , وَالْمَالِكِيِّينَ , الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْمُرْسَلَ كَالْمُسْنَدِ , أَنْ يَقُولُوا بِهِ , لاَ سِيَّمَا وَهُمْ يَقُولُونَ بِوُجُوبِ دَرْءِ الْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ , وَلاَ شُبْهَةَ أَقْوَى مِنْ خَبَرٍ وَارِدٍ يَعْمَلُونَ بِمِثْلِهِ , إذَا اشْتَهَوْا وَتَاللَّهِ , إنَّ هَذَا الْخَبَرَ عَلَى وَهْيِهِ لاََرْفَعُ أَوْ مِثْلُ خَبَرِ ابْنِ الْحَبَشِيِّ الَّذِي خَالَفُوا لَهُ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ , وَأَيْمَنُ مِنْ خَبَرِ الْمِسْوَرِ الَّذِي أَسْقَطُوا بِهِ ضَمَانَ مَا أُتْلِفَ بِالْبَاطِلِ مِنْ مَالِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ , وَخَالَفُوا بِهِ الْقُرْآنَ فِي إيجَابِهِ تَعَالَى الأَعْتِدَاءَ عَلَى الْمُعْتَدِي بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى بِهِ , وَأَبَاحُوا بِهِ الْمَالَ بِالْبَاطِلِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ قال أبو محمد رحمه الله : فَقَطْعُ السَّارِقِ وَاجِبٌ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ بِعُمُومِ الْقُرْآنِ كَمَا ذَكَرْنَا وَحَسْبنَا اللَّهُ وَنَعَمْ الْوَكِيلُ.
|